حق الله على العباد

عباد الله، نذكر اليوم بحول الله قصة حوارية وقعت بين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين عالم من أصحابه، بل من أعلمهم، وهو معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه. كان معاذ من فقهاء الصحابة في المدينة المنورة. أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما بسندهما عن سيدنا معاذ رضي الله عنه قال:
“بينما كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يفصل بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل.”
كان معاذ رضي الله عنه راكباً خلف رسول الله على الدابة نفسها، ولم يكن بينهما إلا أخرة الرحل، وهي جزء من الرحل الذي يوضع على ظهر البعير أو الفرس لتثبيت الراكب.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا معاذ بن جبل!”
فقلت: “لبيك وسعديك يا رسول الله.”
النبي صلى الله عليه وسلم كان له أسلوب خاص في إيصال الرسائل العظيمة التي تستمر تعاليمها إلى يوم القيامة. كان يستخدم أساليب متنوعة مثل الاستفهام والتكرار لجذب الانتباه وترسيخ المعاني في النفوس.
سار النبي صلى الله عليه وسلم فترة دون أن يتحدث. ثم ناداه مرة أخرى: “يا معاذ!”
فرد معاذ: “لبيك وسعديك يا رسول الله.”
كان النداء مميزاً، كأنه نداء للبعيد، رغم قرب معاذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. الهدف كان جذب انتباه معاذ وتركيز قلبه وعقله تماماً على ما سيقوله النبي.
ثم سأله النبي: “أتدري ما حق الله على العباد؟”
قال معاذ: “الله ورسوله أعلم.”
فسر النبي صلى الله عليه وسلم: “حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً.”
هذه العبارة قد تبدو مألوفة لنا، ولكنها تحمل من العمق والعظمة ما يجعل المؤمن يقف متأملاً. حق الله على العباد ليس مجرد جملة تقال، بل هو التزام عظيم يُسأل عنه كل إنسان يوم القيامة.
أوضح النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ أن الله، بصفته الخالق الذي أوجدنا من العدم، له حق على كل مخلوق، وهذا الحق هو عبادته وحده دون شريك.
ثم تابع النبي صلى الله عليه وسلم وسأل معاذ: “أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟”
فأجاب معاذ: “الله ورسوله أعلم.”
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “حق العباد على الله إذا فعلوه أن لا يعذبهم.”
ملخص وتعليق
هذا الحديث الشريف يعكس عظمة التربية النبوية في إيصال الرسائل المهمة بأسلوب بسيط وعميق في نفس الوقت. كما يُذكرنا بوجوب التفكر في حقوق الله علينا وواجباتنا تجاهه، وأيضاً برحمة الله بعباده إذا أدوا حقه.